Partager sur :

"الخيبة" المفهوم وآليات التخطي، لأحمد دخيسي.

كل مَطَبَّاتِ الحياة حِكَمٌ ودروس وفوائدُ وتعلم، وكل حدث في هذه الحياة يُكسبك تجربة وخبرة، وهذه الخبرة تُمَكِّنُ الإنسان من اجتياز بعض مطبات الحياة بحكمة، العوائق التي تواجه الإنسان في حياته كثيرة جدا، منها ما تَشُلُّهُ وتَمنعه من المضي والاستمرار وقد ترافقه -الإنسان- أعراض جانبية تدوم طويلا وآثار نفسية تظل معه ما عَاشَ، ومن هذه العوائق "الخَيْبَةُ".
    هذه الخيبة كشعور وإحساس نفسي لا تُعلِّمُ الإنسان ولا تُكسبه تجربة أو خبرة، فالخيبة في كل نشأة لها تكسر الإنسان وتزيد من شتاته، فلا يَعرفُ بعدها هذا الإنسان كيف يمضي وكيف يعيش لأن الحياة تصير في عينه خيبةً كبيرة، أيُّ تحركٍ فيها ينتظر منه الخيبة والأذى النفسي، فالخيبة هي حدوث غير المُتَوَقَّعِ المُؤْلِمِ، أي حصولُ ما لم يتوقعه الإنسان ويكون هذا الحاصل مؤلما وصادما له.
المؤلم في هذا الشعور النفسي "الخيبة" أنها قد تَنْتُجُ عن كل مطبات الحياة، فتأتي الخَيْبَةُ وتنتج عن الغدر وتأتي مع المكر وتأتي مع الخسارة وتأتي مع المرض وتحل مع الحزن وتحل مع الفقر...، فالخيبة داء يفتك بالنفس الإنسانية ويكسوها بالسلبية والسوداوية، ولا حل لتجاوز الخيبات إلا بالصبر الأَيُوبِيِّ والعزيمة القوية، ولكن قد يمكن مواجهة هذه الخيبة والتخفيف من حدة وَقْعِهَا بِتَوَقُّعِهَا قبل حدوثها والعمل على دحضها بالاستعداد لها، ولذلك كنت أقول دائما عِبَارَةَ "اُرجُ الإيجابي وتوقع السلبي"، بمعنى أن الإنسان في تَمَنِّيه ورجائه لأمور الدنيا وجب أن يطلب ويرجُوَ الأمر الإيجابي الذي يريده ولكن في نفس الوقت وجب أن يتوقع حدوث عكس ما رجاه، حتى إذا تحقق ما كان يرجو كان ذلك فضلا من الله أما إذا حدث عكس ذلك  فسيكون مستعدا لكل الاحتمالات.
 الخيبة تلو الخيبة تقتل النفس وتُمِيتُ حيويتها إلا أن الإنسان وجب عليه أن يحارب لإبعاد الخيبات عنه، ويكون ذلك عن طريق استغلال كل التجارب والخبرات التي اكتسبها في حياته عن طريق مطبات الحياة الأخرى التي واجهته، فالإنسان في حياته يجب أن يكون حكيما لا يتسرع لأن التسرع في غالب الأحيان لا يأتي إلا بالخيبات.
 من الأمور المهمة أن يختار الإنسان أصدقاءه بعناية فائقة إذ أن الخيبات تأتي من الأصدقاء كثيرا، والواجب على كل إنسان ألا يُكثر من الأصدقاء لأنه يقينا فأغلب من يحيط بالشخص من الأصدقاء هم يرتدون رداء الصداقة فقط.
الإنسان في مساره التَّعَلُّمِي والدراسي وجب أن يختار ما يبرعُ فيه حتى يتجنب أغلب احتمالات خيبات الأمل الناتجة عن الخسارة.
الحياة الزوجية من أكثر التجارب التي قد تمنح الإنسان ثقة في الحياة أو خيبة تقتل فيه حب الحياة، لذلك اختيار الشريك بعناية أمر ضروري ومعرفة نمط تفكير الشريك أساس لا استغناء عنه، وهذا كله ضرورة وجبت أن تكون في مرحلة الخطوبة فهي خيرٌ لا بد منه.

الإنسان في حياته لا يجب أن يعيش كل تجربةٍ بطريقةٍ منفصلة عن التجارب الأخرى، فيجب أن يستغل الشخص في حياته كل التجارب السابقة له والخبرات المكتسبة لديه في مجاراة الحياة وتجاربها القادمة.

أحمد دخيسي

 

Arabe
Partager sur :