Partager sur :

هشام ماسين: حين يلتقي التراث الأمازيغي بروح العصر

في إطار...تطوير الموسيقى الأمازيغية يمثل جزءاً محورياً من الحفاظ على الهوية الثقافية للمغرب والمغرب الكبير بشكل عام. هذه الموسيقى، التي تحمل في طياتها تاريخاً غنياً وتراثاً عريقاً، كانت دائماً تعبيراً عميقاً عن تجربة الإنسان الأمازيغي، حيث تجمع بين الجمال الروحي وقضايا الحياة اليومية. ومع ذلك، فإن تحديات العصر فرضت ضرورة التجديد والتطور للبقاء في واجهة المشهد الفني، ومن الشخصيات التي لمع نجمها في هذا السياق، يبرز الفنان هشام ماسين كنموذج فريد يستمد قوته من الجذور ويعبّر بأصوات حديثة. الجذور والهوية تمثل أساساً مهماً بالنسبة لهشام ماسين. منذ بداياته الفنية، تأثر بعمق بفن الروايس التقليدي، الذي يعتبر أحد أبرز ألوان الموسيقى الأمازيغية. هذا الفن الذي يعود إلى مئات السنين، خاص بمنطقة سوس في جنوب المغرب وغنيّ بتراثه الشعري والأدائي. تجمع موسيقى الروايس بين شعر موزون وألحان تقليدية يتم تقديمها باستخدام آلات مثل الرباب واللوتار والدف وغيرها... وقد ظل هذا الشكل الموسيقي أحد الدعائم الأساسية التي انطلق منها ماسين، ولم يكن ذلك فقط بحفاظه على هذه الجذور وإنما بالسعي لإعادة تجديدها وجعلها أكثر ملاءمة لعصرنا الحالي. التجديد في الأسلوب الفني كان محور رؤية ماسين وهو ما دفعه إلى استكشاف آفاق جديدة داخل الموسيقى الأمازيغية. عمل على إدماج آلات حديثة مثل البيانو والباتري والجيتار و الباص،بجانب الآلات التقليدية الأصيلة. كما وظف إيقاعات متنوعة تجمع بين الطابع المحلي والنكهات العالمية مثل الجاز والروك والموسيقى العالمية. كل هذه النقاط أضفت على موسيقته طابعاً متجدداً، مع الحفاظ على عمق الروح الأمازيغية وجعلها جذابة لجمهور واسع يمتد من المحليين إلى المستمعين في الخارج. البعد الشعري كان دائماً في قلب التجربة الموسيقية لهشام ماسين. أشعاره لا تنحصر فقط على موضوعات الحب والطبيعة بل تتسع لتشمل قضايا إنسانية عميقة مثل الحرية، الهوية، والنقاش الثقافي والاجتماعي. بهذه الطريقة، لا تُقدَّم الموسيقى كتسلية فقط بل أيضاً كوسيلة للتفكير ونقل الرسائل التي تعكس واقع الإنسان الأمازيغي والمجتمع بشكل عام. بجانب ما سبق، يمثل ماسين وجهاً عالمياً بارزاً للموسيقى الأمازيغية. بفضل مشاركته في مهرجانات محلية، وطنية ودولية.وإنتاجه أعمالاً بمضامين كونية، استطاع أن يعبر بالموسيقى الأمازيغية حدود الثقافات، مما مكن الآخرون من التعرف عليها والاستمتاع بها كجزء من التراث العالمي. من خلال تأثيره على الجيل الشاب وتحفيزهم على الإبداع الفني، أصبح هشام ماسين رمزا للأصالة والانفتاح في آنٍ واحد. لقد أثبت أن الحفاظ على الهوية لا يتعارض مع التطور والحداثة، بل إن الفن يمكن أن يكون أداة لتحقيق توازن دقيق بين الوفاء للتقاليد والانفتاح على العالم. خلاصة القول، تجربة هشام ماسين تلهم الجميع بأهميتها كدليل على أن الموسيقى الأمازيغية ليست مجرد إرث بل قوة متجددة تواكب الزمن وتعكس صوت الإنسان المعاصر. هو نموذج حي للطاقة الإبداعية التي تُحوِّل التراث إلى رسالة عالمية مليئة بالحياة والمعنى.
بقلم: احمد ليديب

Langue
Arabe
Région
Drâa - Tafilalt
Souss - Massa
Guelmim - Oued Noun
Partager sur :