Partager sur :

- صرخة مهاجرين بالديار الفرنسية   : بقلم : محمد اصريدي - استراسبورغ

الخميس 23 أبريل 2024 : في وقت تسير فيه المملكة المغربية بخطى ثابتة على درب التنمية والتشييد والمبادرات الجريئة لمحاربة مظاهر التخلف والإقصاء والتهميش الفكري والإجتماعي والإقتصادي وما إلى ذلك...مبادرات ومواقف وقرارات جعلت من المغرب بلدا يسير بثبات نحو التموقع ضمن البلدان المحترمة والمشهود لها بالجدية والوزن والهيبة والمواقف الدبلوماسية...
لكن على الرغم من وثيرة هاته الأشواط التي قطعها المغرب لا زالت الكثير من النقائص ومعاقل التخلف تمخر عبابه وتؤجل بلوغه إلى مصاف الدول التي أنهت وقطعت مع بؤر التخلف والبيروقراطية على الأقل على المستوى الإداري ، ناهيك عن المستويات الأخرى التي تتطلب بدورها مراجعات شاملة ورئ ناضجة بمقدورها مسايرة العصر على مستوى الرقمنة وتبسيط الإجراءات الإدارية وتقريب الإدارة من المواطنين، أقصد كل المواطنين على حد سواء باعتبار كل المغاربة مواطنين من درجة واحدة في حبهم للبلاد ملكا وشعبا وأرضا ، بل وكلهم يذودون عن حوزة الوطن كل من موقعه وكفاءته ويحبون جميعهم تلك الأرض الطيبة ويتفانون في ربط أبنائهم بها وبوحدة ترابها...
كل هاته المقدمة أركب سطورها لأسلط الضوء عن مغاربة قد يكونون من فئة ثانية وأنا واحد منهم : إنهم المهاجرون المغاربة ذوو الجنسيات الأوربية الذين قدموا من إيطاليا وإسبانيا وغير ذلك من البلدان الأوربية ليستقروا بالديار الفرنسية في السنوات الأخيرة منذ عقد او عقدين من الزمن ، هذه الفئة العريضة التي عرف استقرارها هنا بهذه الديار مجموعة من المشاكل البيروقراطية على مستوى الإدارة الفرنسية وهي مشاكل يطول حصرها وذكرها في هذا المقام قلب المقال ، وهي تكاد تلتقي في شكلها مع نفس المشاكل مع الإدارة المغربية ممثلة في البيروقراطية الإدارية على مستوى بعض الخدمات القنصلية...
فما هي هذه العوائق والمشاكل يا ثرى ؟ ولماذا تفرض على هذه العينة من المهاجرين دون غيرهم من بني جلدتهم؟
طبعا هناك مشاكل عديدة تختلف باختلاف الغرض الإداري على مستوى القنصليات المغربية هنا بفرنسا ، ولكي أفصل في جميعها فذلك أمر صعب أتركه لقادم الحوارات،  لكن ما يهمني اليوم هو مشكل الحالة المدنية على مستوى هذه القنصليات بالنسبة للمهاجرين القادمين من بعض الدول كإيطاليا مثلا ، ذلك أن هذه الفئة من المواطنين تعاني حيفا وظلما لا مبرر له : إنهم عند حاجتهم لبعض العقود كعقد ازدياد أبنائهم المولودين بالديار الإيطالية عليهم أن يسافروا للقنصليات المغربية حيث ولد أبناؤهم بإيطاليا للحصول على هذا العقد البسيط "عقد الإزدياد " وما يترثب على ذلك من متاعب جسدية ومالية جمة : أما المتاعب الجسدية فقد تكون كبيرة بحجم المسافة التي قد تفرض على مواطن ما ، مثلا مواطن مغربي قادم من  وسط إيطاليا ومستقر بمدينة نانسي أو ستراسبورغ يرغب في إنجاز بطاقة التعريف لإبنه بقنصلية ستراسبورغ  مثلا ، مطلوب منه ضمن الوثائق أن يذهب حتى إيطاليا كي يجلب عقد الإزدياد وبالتالي أن يقطع مسافة قد تتعدى ألفين إلى ثلاثة آلاف كيلومترا أو ما يزيد ، تماما وكأنك في رحلة للمغرب...ويا لهول المقارنة !!
أما المشاكل المالية فتتمثل في متطلبات الرحلة الماراثونية ، بدءا بالغياب عن العمل لمدة لاتقل عن يومين أو ثلاثة أيام ومايترتب عن ذلك من ضياع للأجر اليومي للعمل ، إضافة لمتطلبات الرحلة من نقل ومبيث ومأكل وغير ذلك. 
أما إن أردت أن تستغل ذهابك للمغرب وتحصل على عقود الإزدياد للأبناء المولودين بإيطاليا مثلا فالكارثة أعظم،  ذلك أن عليك أن تتنقل للعاصمة المغربية الرباط وإن كنت تقطن بالصحراء المغربية، فإن أردت عقد الإزدياد لإبنك المولود بفرنسا فالأمر سهل إذ المطلوب منك الإنتظار لمدة تناهز نصف ساعة وبعدها تحصل على مرادك لأن ابنك ولد بفرنسا ، أما إن كان ابنك ولد بإيطاليا فالكارثة لاتقل وقعا عن تلك الرحلة الماراثونية التي تكلمنا عنها من حيث الكلفة الجسدية والمالية. 
كيف ذلك؟ الجواب ببساطة أن القادم من الصحراء المغربية أو من أية بقعة من المغرب والذي يريد عقد ازدياد لإبنه المولود بإيطاليا من المصالح المختصة بذلك بمدينة الرباط  ، عليه تقديم الطلب بالرباط والعودة من حيث أتى والانتظار لمدة عشرة أيام  او يزيد  ، والعودة من جديد للرباط لتسلم العقد البسيط مع تحمل الكلفة الجسدية والمالية من جديد...أي أن هذا المواطن المغربي ذو الفروع الإيطالية يعتبر من درجة ثانية مقارنة مع ذي الفروع الفرنسية وهذا مرده حسب رأيي إلى أسباب تتعلق بالرقمنة بين بلد وآخر...وهنا يطرح سؤال عريض ، وهو لماذا دائما الجالية المغربية أو المجنسين إيطاليا  هم آخر ما يفكر فيه  المسؤولون بالمغرب؟ أليست هذه الجالية كغيرها من الجاليات المغربية ببقاع العالم تكافح وتناضل من أجل بلدها ؟ ثم ألا يرى المسؤولون بحيف قراراتهم عن قصد أو غير قصد أنهم ينفرون الأجيال القادمة من بلدهم والتشبت بقيمها وثراتها ؟ إنه بهذه الأسباب وغيرها يتجنب المواطن الذهاب للقنصليات المغربية بفرنسا لإنجاز جواز سفر مغربي أو بطاقة وطنية للتعريف ، حيث أصبح معظم إن لم نقل الكل يكتفي بجوار سفره الأوروبي أو بطاقته الوطنية للتعريف  على الأقل على مستوى الأطفال....!!
خلاصة: إننا كمجتمع مدني قادم من الديار الإيطالية ندعو السيد وزير الشؤون الخارجية والتعاون  الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد ناصر بوريطة وكل من له علاقة من قريب أو بعيد بهذا الملف أن يشتغل عليه وأن يتحمل مسؤوليته تجاه هذه الفئة العريضة المنسية...وكلنا أمل أن يشرق يوم نكون فيه جميع المغاربة على حد سواء في المعاملة والكرامة والخدمات لأننا نركب جميعنا سفينة واحدة من طنجة إلى الكويرة مؤمنين كل الإيمان بقائدها المفدى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأبقاه لهذه الأمة الضاربة جذورها في التاريخ والعراقة.

Arabe
Partager sur :