Partager sur :

سفير فرنسا: ماكرون يعترف بـ"خطأ التأشيرات"والعلاقة مع المغرب تحتاج تجديدا

قال كريستوف لوكورتيي، سفير فرنسا بالمغرب، إن علاقة البلدين “ينبغي أن نحاول تجديدها”، وهي رغم كونها “مهمة، وقديمة، وذات تاريخ كبير ومتفرّد”، سيكون من “العجرفة” تصور أن تفرّدها وعراقتها يعني أن “كل شيء سيُحَلّ بذاته”، بل إن “الأزمة” تدعو إلى إعادة العلاج من أجل “الدفء”، لا مجرّد “صورة مجلة، ولقاء، وقبلة، وقول كل ما حدث عابر”.

جاء هذا في محاضرة للسفير الفرنسي عن علاقات المغرب وفرنسا، اليوم الجمعة، نظمها مركز الأبحاث القانونية والاقتصادية والاجتماعية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق بالدار البيضاء، ذكر فيها أن المملكة “تغيرت للأحسن” في العقدين الأخيرين، لكن لم يرافق ذلك تغيير “للنظارات” من الجانب الفرنسي. وأردف قائلا: “نحن الفرنسيون خسرنا قليلا معرفة المغرب والحميمية معه أكثر منكم”.

ومع تذكّره أن فترة الرئيس جاك شيراك “كانت جميلة” في العلاقات بين البلدين، إلا أنه ذكر بكونها “قديمة”، وتابع قائلا: “العالم تغير بشكل هائل، وفي العالم كثير حولكم وحولنا وليست علاقتنا فقط، وفرنسا تغيرت أيضا (…)، لكن أفضل أن أرى النصف الممتلئ من الكأس في فرنسا”، قبل أن يضيف أن “سنة 2023 لم تكن سيئة جدا في العلاقات بين البلدين، فقد تقوى مجال السياحة بزيارة 5 ملايين من الفرنسيين للمغرب، ولو لم تكن هناك زيارات رسمية (…)، وأحسست بأن الفرنسيين أكثر من المغاربة في المدينة العتيقة بمراكش، ولا أثر (سلبيا) على إرادة الفرنسيين في القدوم إلى المغرب والتعرف على غناه وكرمه، كما أن التحويلات المالية المهمة جدا القادمة من الخارج إلى المغرب مصدر أزيد من 30 بالمائة منها القاطنون بفرنسا، سواء المغاربة أو المغاربة الفرنسيون”.

وحول موضوع التأشيرات والتقليل منها وتزايد رفض منحها بعد قرار فرنسي رسمي همّ ساكنة المغرب والجزائر وتونس، ذكر السفير الفرنسي أن “الرئيس نفسه (إيمانويل ماكرون) قال في الاجتماع السنوي مع سفراء فرنسا إن القرار كان خاطئا، أبعد عنا أصدقاءنا وأضر بصورتنا”.

كما استحضر السفير الفرنسي زيادة عدد التأشيرات الممنوحة في السنة الماضية بـ 100 ألف مقارنة بالتي قبلها، وعبر عن “محاولة” تمديد آماد التأشيرات إلى “أكثر وقت ممكن” ولو أن “البعض قد لا يحس بذلك”، علما أن “المغرب هو المستفيد الأول من عدد التأشيرات بعد الصين، التي تتجاوز ساكنتها المليار”.

و”رغم الأزمة”، فإن “الحميمية” لم تتأثر، فـ”لنا ساكنة مغربية أو فرنسية مغربية، دون إحصاءات إثنية، فهناك فئة فرنسية واحدة، وكثيرون منا من أصل مغربي، و6 ملايين من المسلمين فرنسيون، من أصل مغربي ومن إفريقيا جنوب الصحراء أو بلدان آسيوية لنا معها علاقات أقل تاريخية، وهذا تطور، وأراه عامل غنى”، يضيف لوكورتيي.

وقال إن علاقة فرنسا بالمغرب يمكن تصويرها بجملة للجنرال دوغول: “استقلال في إطار الارتباط المتبادل” (Interdépendance) ، بعدما “خلقنا ارتباطا مشتركا إنسانيا ثقافيا اقتصاديا”.

ولفت إلى أن “سؤال اليوم هو: إلامَ يمكن أن يصير هذا في عالم فوضوي بشكل مذهل، والأزمات المالية والمناخية والصراعات التي نراها؟”، مع حديثه عن رؤى موجودة اليوم لـ”الازدواجية بين معايير مساعدتنا لأوكرانيا، في مقابل فلسطين والشرق الأوسط والجنوب العالمي، وأيضا لانحدار الغرب”.

ودافع لوكورتيي عن وجوب إعادة تعريف علاقة “الارتباط المتبادل (…) في ظل عالم متغير تماما عن الذي عرفناه، بعيدا عن الإنصات الجيد أو السيئ (بين) حكوماتنا، وأن نجد شرعية جديدة”، دون أن يعني هذا “استثناء دول أخرى في الجنوب”.

وحول قضية الصحراء المغربية، رد السفير الفرنسي على الأسئلة، التي ذكّرت بمعيار المملكة الذي يقيّم علاقتها مع دول العالم بناء على موقفها من هذا الملف، قائلا: “هذا موضوع مهم جدا، إذ كيف يمكن أن يكون لنا الطموح الذي نتحدث عنه دون أخذ الاهتمامات الكبرى للمملكة حول الموضوع بعين الاعتبار؟ من الغباء وعدم الاحترام تصور أن نبني ما نطمح إليه حجرا حجرا دون توضيح هذا الموضوع، ودون الاعتراف بالوضع الأساسي للموضوع بالنسبة للمغرب، أمس واليوم وغدا”.

واستحضر المتدخل حديث وزير الخارجية الفرنسي الجديد ستيفان سيجورنيه عن تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بملف العلاقات مع المغرب “طبعا من أجل تحسينها”، قائلا: “ليس سهلا حديث وزير الخارجية عن هذا في عالم لا تنقصه المشاكل”.

ومن بين ما تحدث عنه السفير أن البلدين محكومان بـ”قدر موضوعي”، فـ”علاقة أوروبا بالجنوب تمر بالمغرب”. وعبر عن الاهتمام الفرنسي برؤية الملك محمد السادس حول إفريقيا قائلا: “إذا نجحنا في بناء جهة مفتوحة دينامية مزهرة ومتشاركة سيكون هذا أمرا كبيرا، وإذا لم نجد المشترك سنؤدي النتائج بعدم الاستقرار والإرهاب”، والسؤال هو: “هل سننجح في بناء (الجهة الكبيرة) دون انغلاق على الآخرين، بتقوية التعاون، وتطوير مشروع المشترك؟”.

وواصل متحدثا عن “فكرة الامتزاج مع رؤية واستراتيجية المغرب التي عبر عنها بطريقة واضحة ومقنعة”، قبل أن يعرّج على تصور “إعادة تأسيس شراكتنا مع المغرب ومرافقته، ليس بمقاربة إحسانية أبوية، بل لأن هذا في صالحنا، ولتقوية العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، فمع المغرب تم الكثير، والكثير لا يزال ينبغي أن يتم في الصناعة والقيم والرأسمال البشري والمعايير والنماذج لأن المغرب بلد ذكي، ومنذ الستينيات له علاقات جد خاصة مع الاتحاد الأوروبي، وتوحيد المعايير مع الاتحاد الأوروبي سيمكّن من تعميق الاندماج”، علما أن “كل صراعات اليوم هي إرادة فرض معايير خاصة على الآخر”.

كما جدد السفير تأكيده على أن ذلك يأتي “في تناغم مع الرؤية الملكية”، نظرا “للبعد التاريخي والديني والإنساني” للمغرب، فـ”علاقتكم أقدم وأكثر استقرارا، بينما كنا المستعمر، وأحسن بلد من حيث رؤية الساحل له هو المغرب”.

أما في “إفريقيا الغربية” فـ”هناك فاعلون آخرون ليسوا أصدقاءنا، ولا أتحدث عن روسيا خاصة، بل عن تركيا والصين، فهم ليسوا أعداءنا، لكنهم لن يتركوا لنا مقعدا (…) ما تقوم به كل من دولتينا لوحدها جيد، لكن علينا العمل المشترك وتقويته، في ظل وجود منافسين وأعداء”، يقول لوكورتيي، مقدما مثالا على هؤلاء “الأعداء” بـ”داعش التي تهدد الجميع، فأحداث باريس في 2015 تدفع إلى أنه لا ينبغي أن نؤمن بأن مكانا صحراويا بعيدا لا يعني أننا لن نكون ضحية ما يحدث فيه (…) من تطرف”.

وشدّد المتحدث ذاته على الحاجة إلى العمل “من أجل خريطة طريق مشتركة”، قائلا: “مهما قلنا عن فرنسا وما نقرؤه عنها، إلا أنه ما زالت لها القدرة على أن تكون شريكا مفيدا، دون كبْر ودون أبوية (…) وللمغرب الحق في رؤية فرنسا على الطاولة، كما نريد نحن من جهتنا أيضا المغرب لإعادة بناء الأجندة حول أوروبا وإفريقيا (…) ويمكن أن نحرك الكثير، تمويلا وخبرات وفي الصناعة والبحث”.

وحول الهجرة وهجرة الأدمغة، ذكر السفير الفرنسي أن من بين النقط التي تهم البلدين “وجود طموح فيما يتعلق بالرأسمال البشري، فلا يمكن أن يكون الاختيار حمائية ووضع حواجز أو التطرف الآخر، وهو هجرة الأدمغة وسلب المهندسين والأطباء والأدمغة المغاربية والجنوب صحراوية (…)، والمفتاح هو الوصول لضمان التعليم لعدد معتبر من الشباب المغاربة والفرنسيين والأوروبيين والأفارقة جنوب الصحراء أيضا (…) والتكوين المشترك بشواهد معترف بها، وحركية ممكنة”، وهو ما سيرجع نفعه على الجميع”.

Arabe
Partager sur :