Partager sur :

إهتمام ملكي بالطائفة اليهودية المغربية

تنظيم للطائفة اليهودية المغربية في إطار “المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية”، وإحداث لـ “مؤسسة الديانة اليهودية المغربية”، حضرت تفاصيلهما في ظهير ملكي رقم 64.22.1 صادر في 27 من ربيع الأول 1444 (24 أكتوبر 2022)، نشر بالجريدة الرسمية عدد 7140 بتاريخ 8 ربيع الآخر 3 نونبر 2022.

ينص الظهير على وجود اهتمام ملكي بـ”إقامة هيئات تمثيلية وتنظيمية مسايرة لواقع الطائفة اليهودية المغربية”، لتكون “على المدى المتوسط بمثابة أداة ناجعة لحفز وتشجيع المواطنات والمواطنين المغاربة من الديانة اليهودية المقيمين بالخارج على العودة إلى وطنهم الأم”.

وحول التعيين الملكي للحاخام الأكبر للبلاد، الذي أثار جدلا في صفوف الطائفة في السنوات القليلة الماضية، نص الظهير على أن هذا التعيين يتم “باقتراح من مكتب المجلس (المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية)، يقدم بعد استشارة الغرف العبرية لدى محاكم المملكة”.

ومن بين اختصاصات المجلس، إبداء الرأي للملك بشأن القضايا التي تهم الطائفة اليهودية بالمغرب واليهود المغاربة بالخارج، وتحديد التوجهات العامة المؤطرة للمبادرات والأنشطة الهادفة إلى تعزيز وتقوية أواصر ارتباط اليهود المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي وإلى التعريف، على المستوى الدولي، بالتراث والإشعاع الشعائري والثقافي للديانة اليهودية المغربية، في ثرائها وتنوعها.

كما تناط بالمجلس مهام إدارة الشؤون الدينية والتعليم الديني اليهودي، والسهر على تنفيذ التعاليم العقائدية للديانة اليهودية المغربية، وإدارة الأوقاف الدينية اليهودية، ومراقبة إدارة المعابد والمقابر والأضرحة التابعة للطائفة، وخدمة الجنائز، وتأطير تدبير الخدمات الموجهة للطائفة اليهودية والإشراف عليها، ومساعدة المعوزين من أفراد الطائفة اليهودية في إطار واجب التضامن الديني، وتنظيم الأعمال الخيرية، والإغاثة، والإحسان لفائدة أفراد الطائفة اليهودية.

ويؤهل المجلس وحده “لاتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بإحصاء الأموال المكونة لممتلكات الطائفة اليهودية والمحافظة عليها”، وتحول “بقوة القانون إلى المجلس الممتلكات والحقوق العقارية المملوكة للطائفة”، و”يؤهل المجلس لإنجاز مشاريع اجتماعية لفائدة الطائفة اليهودية أو مشاريع ترمي إلى تطوير ممتلكاتها وتنميتها وتثمينها”.

وذكر الظهير أن “المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية” يأتي “بالنظر إلى الدينامية والانبعاث غير المسبوق اللذين تشهدهما الديانة اليهودية المغربية، واللذين يتجليان بشكل خاص في تملك كل من مواطناتنا ومواطنينا من الديانة اليهودية، واليهود المغاربة بالخارج، والأجيال الجديدة، من جديد، لأصولهم وتاريخهم وتراثهم الثقافي وهويتهم المغربية وتعلقهم بها”.

ويأتي كذلك انطلاقا من “الأمانة العظمى” بوصف الملك “أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، وسيرا على النهج الذي دأب عليه أسلافنا (…) بخصوص رعاية شؤون كافة المواطنات والمواطنين المغاربة، باختلاف معتقداتهم الدينية”.

كما يأتي “تفعيلا لأحكام الدستور التي تنص على صيانة تلاحم مقومات هويتنا الوطنية، موحدة وغير قابلة للتجزيء، في شموليتها وتنوعها، المبنية على انصهار كل مكوناتها، وتكريس المكون العبري، في ثرائه وتنوعه، كعنصر من عناصر الثقافة المغربية”، مع الاستناد إلى الالتزام الملكي بـ”توفير الظروف الكفيلة بضمان انخراط كافة مكونات الأمة في بناء صرح مجتمع ديمقراطي حداثي، متشبث بهويته المغربية الأصيلة و(…) تقوية إشعاعه الديني والثقافي والحضاري”.

وتعين اثنا عشر شخصية من شخصيات هذا المجلس، ورئيسه، من طرف الملك، باقتراح من وزير الداخلية “من بين الشخصيات المغربية من الديانة اليهودية المشهود لها بالخبرة والعطاء المتميز، وطنيا ودوليا، في مجال إشعاع الديانة اليهودية المغربية وتعزيز الثقافة المغربية في تنوعها”، كما ينتخب اثنا عشر عضوا “من طرف أفراد الطائفة اليهودية على مستوى دوائر انتخابية جهوية، بالاقتراع باللائحة وبالتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي”، ويعتبر الحاخام الأكبر للمملكة وممثل وزير الداخلية عضوين بالمجلس بحكم القانون.

ويشارك في انتخاب أعضاء المجلس “الأشخاص البالغون سن الرشد من الديانة اليهودية، رجالا ونساء، من أصل مغربي، الحاملون للجنسية المغربية والمتوفرون على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، سارية المفعول، مسلمة من لدن السلطات المغربية”، ويجري الانتخاب بالمغرب، ويمارس بكيفية مباشرة من طرف “كل فرد من أفراد الطائفة اليهودية مسجل بكيفية قانونية في لائحة الناخبين”، وتقدم الطعون المتعلقة بالانتخاب أمام المحكمة الابتدائية بالرباط.

وتساعد المجلسَ في ممارسة اختصاصاته، عبر جهات البلاد، هياكل للقرب تسمى “اللجان الجهوية”، تحدث بقرار لوزير الداخلية الذي يحدد أيضا عدد الأعضاء الواجب انتخابهم برسم كل لجنة جهوية ونفوذها الترابي، مع النص على إمكانية ضم “أعضاء غير منتخَبين من بين أفراد الطائفة اليهودية المقيمين بنفوذ الدائرة الانتخابية الجهوية”.

كما نص الظهير على إحداث “لجنة اليهود المغاربة بالخارج” لدى المجلس، وأناط بها مهمة “تقديم المشورة والخبرة للمجلس”، مع إضفاء بعد دولي عليها، وزاد أنها “تتألف من رئيس المجلس، بصفة رئيس، وتسعة أعضاء مشهود لهم بالخبرة”، يعينهم الملك باقتراح من رئيس المجلس، ومن بين مهامها “تعزيز وتقوية أواصر ارتباط اليهود المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي”، و”الدفاع عن المصالح العليا للأمة في جميع المجالات، والترويج لصورة المملكة بالخارج وإشعاعها”.

ويمكن لرئيس المجلس استدعاء ممثل كل سلطة أو مؤسسة عمومية أو خاصة، وكل شخصية مؤهلة للمشاركة في أشغال المجلس أو أجهزته بصفة استشارية. كما يجوز لرئيس المجلس أن يستدعي “شخصيات أو هيئات أجنبية للحضور أو المشاركة في اللقاءات والأنشطة التي ينظمها المجلس”.

وتعتبر العضوية في هذا المجلس “مجانية”، إلا أن الظهير في مادته الثامنة نص على أنه “يمكن منح الأعضاء تعويضا عن القيام بمهمة أو المشاركة في دورات المجلس”، مع ترك الباب مفتوحا لـ”النظام الداخلي للمجلس” لتحديد “شروط وكيفيات تطبيق أحكام هذه المادة”.

ويموَّل المجلس، حسب المادة 24 من الظهير، من “عائدات الهبات والوصايا والصدقات، وعائدات الرسوم اليهودية، وهبات ندابوت، وعند الاقتضاء، إيرادات الأوقاف الدينية (هقدش)، وكذا عائدات كراء أو استغلال الأموال والممتلكات العقارية أو التجارية للطائفة اليهودية”، ومن “عائدات الخدمات المصنفة حلال (الكاشير). ويمكن للمجلس أن يستفيد من منحة مالية تسجل في الميزانية السنوية لوزارة الداخلية برسم قانون المالية. ويمكن للمجلس أن يستفيد، علاوة على ذلك، من أي تمويل مالي آخر أو منحة من أية هيئة عمومية أو خاصة، وطنية أو أجنبية، أو منظمة دولية حكومية أو غير حكومية”.

ومن المرتقب أن تستمر المؤسسات التمثيلية للطائفة اليهودية المغربية في تدبير شؤون الطائفة، إلى أن يوافق الملك على النظام الداخلي للمجلس، الذي يعده رئيسها المعين ويقترحه على الجالس على العرش.

وتنص المادة السادسة من الظهير على أن كل أعضاء المجلس يجب عليهم “الاضطلاع بالمهام الموكولة إليهم بأمانة وإخلاص وتفان من أجل الدفاع عن المصالح العليا للأمة”.

 

Arabe
Partager sur :