Partager sur :

الإحتفال بالمرأة...إحتفال بالرجل

.

إبراهيم أونبارك
ماكلور الدولية
جهة الرباط سلا القنيطرة
المملكة المغربية

لن يكون الاحتفال بنون النسوة في يومها الثامن من مارس من كل سنة، مجرد فرصة لإعادة التساؤل حول وضعية المرأة إقليميا ودوليا، لانتكاساتها ونجاحاتها فحسب. وليس أيضا إعادة تصفح ملفها المطلبي، ومتى يمكنها أن تسوق السيارة؟ وهل من حقها أن تعمل؟ لأن تلك الأسئلة في نظري مجرد وضعيات توحي بالمستوى الذي يمكن لأي مجتمع أن يصل إليه في النظر إلى ذاته وإلى قضاياه، وأحيانا إلى "أشباه قضاياه " pseudo-problème . بل سيكون اليوم العالمي للمرأة أيضا فرصة لاكتشاف كنه علاقة إنسانية، لن تكون المرأة وحدها العنصر الفاعل فيها، وإنما للرجل أيضا حضور، مما يجعلنا أمام إحدى أقدم العلاقات الإنسانية تعقيدا، لأنها تنم عن عمق أنطولوجي/ وجودي ونفسي واجتماعي وسياسي وثقافي وتاريخي.... لا يمكن فهم المجتمعات دونها. إن الاحتفال بعيد المرأة هو، في الحقيقة، محاولة لإعادة حبك أسئلة جديدة/ قديمة، ومحاولة الغوص في هذه العلاقة، لنكتشف أن أعطاب الأمم وانتكاساتها، ونجاحها الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي مرهون بإعادة بناء هذه العلاقة بشكل مختلف، أما تركها دون الخضوع للتغيرات التي يعرفها العالم، فهي ستجعل الركود هو ذاته، والمعاناة هي نفسها. 
والمتمعن اليوم في المجتمعات المعطوبة فكريا واجتماعيا واقتصاديا، سيدرك، لامحالة، أن أصل الداء هو تلك العلاقة التي يدخلها الرجل والمرأة على أساس أنها معركة انتصار أو انهزام، وأنها "صراع أبدي" لا بد أن يسعى كل منهما، ليس لإثبات ذاته، وإنما لإثبات مدى ضعف الآخر ، هَوَانه وبؤسه ونقصه، وعدم أهليته للعيش أصلا. وهكذا تكون العلاقة علاقة "فعل ورد فعل"، مما يجعل المرأة تصنع أسلحتها النفسية والاجتماعية والثقافية، كلائحة انتقامات لا تنتهي، سعيا منها لتُعَلِّمَ، في نظرها، الرجل  "أشنو تايسوا"، وأنها قادرة على جعله تحت قدميها. ويتجه الرجل بدوره، صوب أسلحته السياسية والثقافية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والبيولوجية،... ليبين للمرأة أنها "أكبر شر صدفه في حياته.
وحينما تكون العلاقة وفق هذا النمط، فهي تنفلت من إنسانيتها لتكون مجرد صراع من أجل اجتثاث ما تبقى من "الحس الاجتماعي" الذي يمكن أن تكون هذه العلاقة أصله وأصل بناء المجتمع في شموليته. أنذاك، سيؤدي الرجل، بذهنية التفكير تلك، ثمن فقدانه لوجوده، بل سيجد نفسه في معركة حرب بلا محاربين، وستجد المرأة، بـ"ذهنية رد الفعل تلك" نفسها في معركة، الكل فيها خاسر منذ البداية، وسيؤدي الأبناء ثمن علاقة معطوبة قبل أن تولد، وستؤدي المدرسة، المستقبلة لهؤلاء الأبناء ثمن مشكل لم تكن فيها السبب، مما يقتضي منها بذل جهد أكبر ، لن تجدي معها البرامج والمناهج والطرق البيداغوجية المرصودة.، وسيؤدي الشارع ثمن ظواهر ناجمة عن معركة رجل وامرأة، كل منهما أخطأ الحسابات دون أن يعرف، وأحيانا عن قصد وبغرض نيل الخسارة، لا الانتصار، بل نيل خسارة بطعم الانتصار، وسيؤدي المجتمع بأكمله ثمن علاقة يظن كل طرف فيه أنه الوحيد الذي يمتلك قوة الصد.
عيد المرأة إذن هو فرصة للقول: لابد للعلاقة بين الرجل والمرأة أن تكون "معا ننتصر"، معا نؤسس للمجتمع، ففي كل امرأة رجل، وفي كل رجل امرأة، وكلما كانت الرغبة هي الفصل بينهما، كلما اشتد المسار الإنساني اعوجاجا، وكلما أردنا البحث عما نختلف فيه ننسى ما نتشابه فيه، فلا تجعلوا الأعياد لحظات لتكريس الفوارق بل اجعلوها نداء لإدراك  أن ثنائية رجل/ امرأة مجرد ثنائية لغوية وبيولوجية، لا تلغي الاتحاد الذي يتجاوز كل السياسات وكل الحدود...عيدكم مبارك سعيد.

Langue
Arabe
Région
Rabat - Salé - Kénitra
Partager sur :