
م-النوري.
لم تبدأ الرحلة التي قادت الدكتور وديع أيت حمزة إلى رئاسة “منتدى القادة العالميين الشباب” في سويسرا من الرباط، حيث وُلد قبل أربعين سنة، بل بدأت من قرية نائية بضاحية قلعة مكونة، تلك الرقعة الريفية التي تعيش على حافة الجغرافيا وعلى هامش التنمية، لكنها غنية بعبق الورود وقصص الكفاح الإنساني الصامت.
رغم أن الرجل يُعد من أبناء العاصمة، فإن ذاكرته وهويته تنبضان بتربة الجنوب الشرقي، حيث جبل الأطلس يُنجب محاربين من أجل البقاء، لا يستسلمون للظروف، بل يصنعون منها سلّماً نحو المجد. من هناك، من أرض الورد والريح والجفاف، خرجت حكاية شابٍ طموحٍ، نشأ على قيم العلم، وتأثر بمسار والده، الأستاذ الجامعي المعروف في الجغرافيا القروية، الدكتور محمد أيت حمزة.
الوالد محمد، بدوره، كان نموذجًا في التحدي: بدأ من “المسيد”، ثم تابع تعليمه في بومالن دادس وورزازات، إلى أن انتهى به المطاف أستاذاً جامعياً بارزاً في العاصمة. لم يكن يملك شيئاً سوى الحلم والعزيمة، لكنه سطّر أول شهادة دكتوراه تخرج من سلالة ذلك المكان القصي، ليفتح بذلك درباً صعباً، لكنه مشرق، أمام أبنائه ومن جاء بعده.
وديع، ابن ذلك الامتداد، لم يكن نسخةً فقط من أبيه، بل تطلع إلى آفاق عالمية أوسع. اختار أن يحمل قضايا التنمية والقيادة الشبابية إلى المنابر الدولية، وأن يُثبت أن أبناء المناطق المهمشة يستطيعون التأثير في العالم، إذا ما توفرت لهم الفرصة، وإذا ما تسلحوا بالعلم والرؤية.
اليوم، بصفته رئيساً لمنتدى عالمي يحتفي بقيادات المستقبل، لا يمثل وديع أيت حمزة ذاته فقط، بل يمثل قريةً بكاملها، وذاكرةً جماعية، ومسارًا مغربيًا يندر أن يتكرر: من “قلعة مكونة” إلى قلب سويسرا، ومن الورود إلى المنصات العالمية