Partager sur :

التعويضات العائلية… حق اجتماعي أم صدقة مشروطة ؟

بقلم البكراوي المصطفى البزيوي 
عندما تكون استفادة المواطن من التعويضات العائلية رهينة بأداء أقساط التأمين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإننا نكون أمام معادلة بئيسة تفتقد إلى أبسط معايير التكافؤ و العدالة الاجتماعية. فمتى يكون رب الأسرة في أمسّ الحاجة إلى هذه التعويضات على هزالتها؟ أليس حين ينقطع عن العمل لسبب من الأسباب قسرا أو تعسفا؟
من غير المعقول أن يُحرم أب لثلاثة أطفال من هذا الحق لمجرد أن مشغِّله تخلّى عن خدماته بشكل تعسفي، وامتنع تبعا لذلك عن دفع أقساط التأمين الخاصة به. هنا يصبح الضرر  مضاعفا : حرمان من العمل أولا  ثم حرمان من تعويضاتٍ يفترض أنها وُجدت لحمايته وحماية أسرته ثانيا.
إن فلسفة الحماية الاجتماعية تقوم على مبدأ التضامن إذ القوي يساهم لحماية الضعيف والعامل الذي يفقد عمله يجد في النظام سندا يخفف من قساوة الفراغ الذي يكابده لكن واقع الحال عندنا يكشف عن منطق مقلوب فمن يستطيع أن يدفع هو من يستفيد  ومن تعرض للضعف والحرمان يُقصى من حقه. وهكذا تُفرغ الدولة  مفهوم "الدولة الاجتماعية" من محتواه، وتحوّله إلى مجرد شعار للاستهلاك السياسي.
في الممارسة اليومية، يبدو الأمر وكأننا أمام سياسة "هاك وأرى" عملية تجارية محضة تُعطى التعويضات بيد لتُسلب الأقساط باليد الأخرى، بل أدهى من ذلك تُختزل الحماية الاجتماعية إلى مجرد عملية جباية لا تختلف في جوهرها عن أي ضريبة إلزامية محضة .
الخلاصة أن الإشكال ليس في التعويضات العائلية كآلية مالية محدودة الأثر بل في فلسفة الحماية الاجتماعية برمتها المبنية على شرط الأداء بدل الاعتراف بأن هذه الحقوق لصيقة بصفة المواطنة فالإصلاح الحقيقي يمر عبر إعادة النظر في هذا المنطق وربط الحماية الاجتماعية بالمواطن كإنسان لا بمقدرته على الدفع أو باستمرارية عقد عمل قد يفسخ في أية لحظة.
و قد صدق من قال بأن كل مؤسسات الدولة طالعة واكلة نازلة واكلة بحال المنشار دون استثناء و تبقى للمواطن المقولة المأثورة " اطحن مو " فمتى سيوقف هذا النزيف؟


Partager sur :