FR AR
شارك على :

حين عجزوا عن هدم المغرب… دخلوا من باب الأسرة بقلم محمد البكراوي البزيوي

لم ينجحوا في إسقاط المملكة المغربية كما فعلوا بالعراق، ولا في تفجير نسيجها كما حدث في ليبيا، ولا في جرّها إلى مستنقع الدم كما في سوريا، ولا في إنهاكها بالفوضى كما في السودان. المغرب صمد، دولة ومؤسسات وشعبا. لكن حين فشلت معاول الهدم الخارجية، فُتح باب أخطر وأخبث: هدم الأسرة من الداخل.

أربعمائة حالة طلاق في اليوم.
رقم صادم، مخيف، لا يمكن المرور عليه ببرود أو اعتباره شأنًا خاصا. لأن الطلاق، حين يتحول إلى ظاهرة يومية، لم يعد قرارا فرديا، بل أزمة وطنية.

الأسرة هي آخر خط دفاع عن استقرار المجتمع. وحين تُضرب الأسرة، لا حاجة لدبابات ولا صواريخ. أطفال بلا توازن، شباب بلا بوصلة، نساء منهكات، ورجال فاقدو الثقة… هكذا يبدأ الانهيار الصامت.

لا أحد ينكر أن جزءًا من المسؤولية داخلي:
غلاء المعيشة، البطالة، هشاشة الطبقة المتوسطة، ضغط الحياة، تراجع القيم، وهيمنة نماذج استهلاكية فارغة تروج لها الشاشات ومواقع التواصل. زواج بلا تأهيل، ومسؤولية بلا وعي، وأسرة تُترك وحيدة في مواجهة كل هذا العصف.

لكن الأخطر من الأسباب هو التطبيع مع الطلاق.
أن يصبح الحل الأول بدل الأخير.
أن يُقدَّم كتحرر لا كفشل.
أن يُناقش كرقم لا كوجع.

أين المدرسة من ترسيخ قيم الأسرة؟
أين الإعلام العمومي من أداء دوره التربوي بدل اللهاث وراء التفاهة؟
أين السياسات العمومية التي تحمي الزواج وتواكب الأزواج قبل وبعد الارتباط؟
وأين الخطاب الديني الرصين الذي يعالج الواقع بدل الاكتفاء بالمواعظ؟

المغرب قوي بتاريخه، بتماسكه، وبقدرته على تجاوز الأزمات. لكن "لا دولة قوية بأسر مفككة".
ولا تنمية مع جيل نشأ في الصراع بدل الطمأنينة.
ولا سيادة مع مجتمع منهك من الداخل.

لسنا في حاجة إلى تهويل، لكننا في حاجة إلى وقفة شجاعة.
وقفة تعترف بأن ما يجري ليس عاديًا، وأن الأسرة المغربية تُستنزف بصمت.

إن لم نتحرك اليوم، فلن نحتاج غدًا إلى أعداء يتآمرون علينا…
سنكون قد أنجزنا المهمة بأنفسنا.

والسؤال المؤلم الذي يجب أن يُطرح بوضوح:
هل نريد مغربا صامدا حقا؟
أم مغربا يحافظ على شكله بينما يتآكل قلبه؟

الأسرة ليست شأنا خاصا.
إنها "قضية وطن".

Partager sur :