FR AR
شارك على :

حين يصبح الوصول إلى المدرسة مغامرة يومية

من عمق الجبال الهادئة بجماعة سيدي احساين أوعلي، حيث الطبيعة تأسر الناظر بجمالها، يعلو صوت ساكنة دواوير ادشعود ، لا ليغني للفرح، بل ليطلق صرخة مدوية من قلب المعاناة، تنشد الحياة وتطلب الإنصاف.
قبيلة ضاربة في عمق التاريخ، شاهدة على تحولات الزمن، لكنها اليوم تقف على هامش التنمية، بعيدة عن أعين المسؤولين، قريبة فقط من وجع يومي لا يهدأ. هنا، لا ترف ولا رفاهية، بل كفاح مستمر من أجل البقاء، وسط ظروف قاسية لا تليق بكرامة الإنسان.

بادشعود، ما زال الحصول على الماء الصالح للشرب معركة يومية. نساء يحملن دلاء ثقيلة، يسلكن دروبا وعرة تحت شمس حارقة أو مطر غزير، فقط من أجل قطرة ماء نظيفة. مشهد أصبح عاديا في زمن يجب أن تكون فيه المياه حقا مكفولا لا امتيازا.
الطرق غير المعبدة تضاعف من عزلتهم. ليست مجرد مسالك ترابية، بل حواجز حقيقية أمام التعليم، الصحة، وحتى فرص العمل. فالطفل الذي يسير لساعات ليصل إلى مدرسته، والعجوز الذي لا يجد سبيلا للوصول إلى المركز الصحي، كلاهما يدفعان ثمن غياب البنية التحتية.
في عالم يتطور بسرعة الضوء، تظل ادشعود خارج التغطية. لا اتصال، لا إنترنت، لا وجود على الخريطة الرقمية. هذا الانقطاع لا يعزلهم عن العالم فقط، بل يعرقل التعليم، يحرم الشباب من فرص التعلم عن بُعد، ويصعّب حتى أبسط الإجراءات الإدارية.
ما تعانيه هذه المناطق ليس طارئا، بل نتيجة تراكم سنوات من الإهمال وغياب سياسة تنموية عادلة. ويظل السؤال الذي يطرحه السكان ببساطة: "لماذا لا نعامل كباقي المواطنين؟"
يقول أحد شباب دوار تسيلا، بصوت يحمل من الحكمة ما يفوق عمره:
"نحن لا نطلب المستحيل، فقط نريد ماء نظيفا، وطريقا آمنا، وشبكة هاتف تتيح لنا الاتصال بالعالم."
صرخة قد تبدو بسيطة، لكنها تختزل عمق المأساة.
أمام هذا الواقع، تطالب الساكنة، مدعومة بأصوات المجتمع المدني، الجهات المسؤولة بالتدخل الفوري عبر:

توفير الماء الصالح للشرب لجميع دواوير المشيخة، باعتباره حقا أساسيا.
تهيئة الطرق والمسالك القروية، لضمان تنقل آمن وسهل.
تحسين تغطية الهاتف والإنترنت، لربط السكان بالعالم الخارجي وتعزيز فرص التعليم والعمل.
إدماج المنطقة في برامج محاربة الهشاشة والتهميش، بشكل فعلي لا شعاراتي.
ادشعود  لا تطلب امتيازات خاصة، فقط حقها في الحياة الكريمة. فالعدالة المجالية ليست شعارا يرفع، بل التزام أخلاقي وسياسي تجاه مواطنين يرفضون أن يتركوا للنسيان.
الصمت لم يعد مقبولا، والانتظار أصبح وجعا إضافيا. فهل من مجيب؟

Région
Guelmim - Oued Noun
Partager sur :