أعلنت جامعة روفيرا إي فيرجيلي الكتالونية عن إحداث كرسي جامعي للدراسات حول المغرب، في مبادرة أكاديمية رائدة جاءت بمبادرة من القنصلية العامة للمملكة المغربية في تاراغونا، وبدعم من هيئة ميناء تاراغونا ومؤسسة قصيد للتكوين، وذلك في إطار تعزيز التعاون الأورو-متوسطي وتوطيد العلاقات العلمية والثقافية بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
وقد تم التوقيع الرسمي على اتفاقية إحداث هذا الكرسي، في خطوة مؤسساتية تعكس التزام مختلف الأطراف المعنية بتعزيز التعاون الأكاديمي بين الجامعة الكتالونية والمملكة المغربية. ويُعد هذا الكرسي، التابع لقسم التاريخ، سابقة على المستويين الكتالاني والإسباني، لما يحمله من رؤية علمية تروم تعميق المعرفة بالمغرب المعاصر، وتعزيز الحوار وتبادل الخبرات بين كاتالونيا والمغرب، استنادًا إلى تاريخ طويل من التفاعل والتأثير المتبادل.
ويشرف على هذا المشروع الأكاديمي الأستاذ الدكتور جوردي آنخل كارابونيل بالاريّس، المتخصص في تاريخ الفن، حيث يأتي إطلاق الكرسي استجابةً للتحولات المتسارعة التي يعرفها الفضاء المتوسطي، في ظل تزايد الحركية البشرية، والتعدد الثقافي، وتنامي التبادل الاقتصادي، وتعزيز التعاون الدولي.

ويطمح كرسي الدراسات حول المغرب إلى أن يصبح مرجعًا أكاديميًا ومؤسسيًا ومجتمعيًا، ومنصة لإنتاج المعرفة العلمية وتطوير رؤى جديدة حول المغرب، وكذا حول علاقاته مع كاتالونيا في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
محاور عمل متعددة الأبعاد
ترتكز أنشطة الكرسي على ثلاثة محاور رئيسية. أولها البحث العلمي متعدد التخصصات، من خلال إنجاز مشاريع حول التاريخ المشترك، والهجرات، والتحولات الاجتماعية والاقتصادية، وسياسات الذاكرة، والتراث المادي واللامادي، وعلم الآثار، وعلم الأحافير البشرية، إضافة إلى دعم رقمنة التراث المغربي وحفظه، وإطلاق دراسات مقارنة بين المجتمعات المتوسطية.

أما المحور الثاني فيتعلق بـ التعليم والتكوين، عبر تنظيم ندوات وورشات موضوعاتية، وبرامج تبادل جامعي مع مؤسسات مغربية، ورحلات دراسية ميدانية، تهدف إلى تكوين الطلبة والباحثين الشباب وفق مقاربة نقدية، منفتحة، وتفاعلية بين الثقافات.
فيما يركز المحور الثالث على نقل المعرفة وخدمة المجتمع، من خلال تنظيم أيام دراسية ولقاءات علمية وسلاسل محاضرات، ونشر مواد علمية وتربوية، وإطلاق مبادرات مجتمعية تسعى إلى تعزيز التقارب الثقافي وترسيخ قيم التعايش والاندماج.
كما يولي الكرسي اهتمامًا خاصًا بالجالية المغربية المقيمة في كاتالونيا، عبر تشجيع حضورها الفاعل وإسهامها في بناء مجتمع أكثر عدلًا وشمولًا وتنوعًا ثقافيًا.

نحو إعادة التفكير في العلاقات المتوسطية
وأكدت جامعة روفيرا إي فيرجيلي أن هذا الكرسي يندرج ضمن التزامها بالخدمة العامة وتحقيق الأثر الاجتماعي، إذ يسعى، من خلال رؤية نقدية وتعددية، إلى تجاوز الصور النمطية والأحكام المسبقة حول المغرب، وفتح فضاءات للحوار والمعرفة تسهم في بناء سرديات أكثر توازنًا واحترامًا للتنوع الثقافي.
وفي ظل التحولات السياسية والاجتماعية الكبرى التي يعرفها الفضاء الأورو-متوسطي، يُرتقب أن يلعب هذا الكرسي دورًا محوريًا في تعزيز الحوار بين الثقافات ودعم علاقات التعاون الدولي.

مبادرة استراتيجية للمستقبل
من خلال إحداث كرسي الدراسات حول المغرب، تجدد جامعة روفيرا إي فيرجيلي التزامها بالبحث العلمي المتميز والانفتاح الدولي، وتسعى إلى ترسيخ موقع مدينة تاراغونا وجامعتها ضمن الشبكات الدولية للدراسات الأورو-مغربية، باعتبارها فضاءً للتواصل والتفاعل بين الباحثين والمؤسسات الأكاديمية والطلبة والمجتمع المدني.


