تنتظر الوداد الرياضي رحلة مضنية قبل مواجهة شبيبة القبائل الجزائري، في المباراة المقررة يوم الجمعة القادم بداية من الثامنة مساءا بملعب 1 نوفمبر بتيزي وزو، ضمن لقاءات الجولة الثانية من مرحلة مجموعات دوري الأبطال، و سيضطر الوداد الرياضي للسفر عبر رحلة جوية صوب تونس وبعدها إلى الجزائر العاصمة، قبل إكمال الرحلة صوب تيزي وزو التي تبعد عن العاصمة بحوالي 900 كيلومترا، الرحلة الشاقة للوداد إلى الجزائر تأتي بسبب غلق الجزائر لحدودها الجوية مع المغرب، لكن في المقابل ستسافر بعثة شبيبة القبائل خلال مباراة الإياب في رحلة مباشرة إلى المغرب.
إن سفر فريق الوداد إلى الجزائر عبر تونس أو أي بلد أخر رضوخا لشروط الحكام في قصر المرادية لا يخدم مصالح المغرب ولا صورته الخارجية، حث يجب أن يبقى الصف الداخلي متراصا وموحدا خلف قيادته الرشيدة، و أن يظهر المغرب ملكية وحكومة وشعبا كتلة واحدة وبنيانا مرصوصا، إن إشكالية سفر البعثات الرياضية المغربية إلى الجزائر للمشاركة في التظاهرات الرياضية التي تنظمها مختلف الهيئات الرياضية سواء الإفريقية أو الدولية في الجزائر يعتبر معضلة قانونية رياضية لا يمكن أن يفصل فيها حسب رأيي إلا المحكمة الرياضية الدولية التابعة للفيفا المعروفة بالطاس، فمن جهة تتمسك الجزائر بموقفها الرافض لفتح المجال الجوي أمام الطائرات الناقلة للبعثات الوطنية الرياضية معتمدة على حجة واهية واحدة فقط وهي أن قرار إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية هو قرار سيادي، بينما المغرب له حجج مضادة contre argument كثيرة وأقوى منها:
- أن قرار إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية هو قرار سيادي أي نعم، ومن حق الجزائر أن تتخذ أي قرار سيادي تراه يخدم مصالحها، وأن الحكومة المغربية ممثلة في وزارة الخارجية احترمت هذا الإختيار و لم تعترض أبدا على هذا القرار وإن كانت أبدت أسفها عليه، لا كن يبقى هذا القرار أولا وأخيرا سياسيا بكل تأكيد، و أن البعثات الرياضية المغربية لا علاقة لها بالصراعات السياسية، إذا فقرار منع المنتخبات والفرق المغربية من الوصول إلى أماكن إجراء تلك التظاهرات الرياضية هو إقحام للسياسة في الرياضة بكل ما تحمله العبارة من معنى.
- توجد بنود داخل الكاف وجل الهيئات الرياضية تلزم الدول المنظمة أن تسهل مهمة وصول المنتخبات والفرق المشاركة إلى أماكن إجراء التظاهرات، وأن الجزائر بمنعها وصول المنتخبات المغربية للجزائر فهي تخرق بشكل واضح هذه البنود.
- يمكن بشكل صريح إثبات أن النظام الحاكم الجزائري وليس الهيئات الرياضية في الجزائر من يتخذ هذه القرارات والتجاوزات التي تعتبر سياسية بدرجة أولى، وأنه ليس الأول من نوعه فقد شابت دورة الشان الأخيرة عدة خروقات أخطرها منح أحد أحفاد الزعيم الراحل مانديلا الفرصة للهجوم السياسي على المغرب، بل وأخطر من ذلك وهو التحريض العسكري على حمل السلاح ضد دولة جارة، وهو إقحام واضح وسافر للسياسة في الرياضة، كذلك إدخال عناصر من النظام إلى الملاعب الكروية للتحريض على الكراهية ضد المغاربة والهتافات العنصرية التي تم توثيقها بالصوت والصورة.
إن المغرب بكل هيئاته الرياضية والفنية والثقافية منها، يقف اليوم في مواجهة النخبة العسكرية الحاكمة في الجزائر موقف قوة إذا أحسن المسئولون المغاربة استغلال نقط القوة وتوظيفها، لأنه صار واضحا جدا أن جنرالات الجزائر قاموا بنقل الصراع إلى كل المجالات السياسية والرياضية والفنية والثقافية، وأن عدائهم للمملكة الشريفة صار عقيدة عسكرية وسياسية بنا عليها حكام الجزائر شعارا لوجودهم وصيرورتهم و استمرارهم، وإلهاء الشعب الجزائري عن المشاكل والتحديات الحقيقية التي تواجه الجزائر، لذلك على المغرب حكومة وشعبا ومؤسسات الثبات على المواقف واستغلال الظرفية الراهنة التي تخدم مصالح المغرب في إضعاف وفضح العصابة الحاكمة ( كما وصفها الحراك الجزائري)، حتى وإن ضحينا بمباريات تبقى في الأول والأخير مجرد لعبة رياضية، مع العلم أن المغرب سيخرج منتصرا إذا تم إتباع واحترام المساطر القانونية الرياضية.
على المسئولين عن الرياضة والنوادي الرياضية اليوم تغليب المصلحة الوطنية على حساب مصالح النوادي والأفراد، والالتزام بخط السياسة العامة الداخلية والخارجية التي أثبتت نجاحها وفعاليتها في مواجهة المخططات الرامية لضرب المغرب ومصالحه وقضاياه العادلة.
لذلك أرى أنه على المسئولين عن القطاع الرياضي ممثلا في الجامعة الملكية المغربية اللجوء إلى المحكمة الرياضية الدولية TAS في أقرب وقت للفصل في النوازل التالية:
- منع المنتخب المغربي للمحليين من المشاركة و السفر عبر رحلة مباشرة من الرباط إلى قسنطينة عبر الناقل الرسمي للمنتخب المغربي وهو الخطوط الملكية المغربية واعتباره قرارا سياسيا.
- إدخال عناصر موالية للنظام الحاكم إلى الملاعب الرياضية في الجزائر و استعمال هتافات تدعو للكراهية والعنصرية ضد المغرب، مع ضرورة تقديم كل الأدلة التي تثبت ذلك، حتى الأحداث التي وقعت في تظاهرات رياضية سابقة مثل ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وسوء معاملة البعثات الصحفية الرياضية والجماهير المشجعة ومنعهم من دخول التراب الجزائري، و اعتداء الجماهير الجزائرية على لاعبي المنتخب المغربي لأقل من 17سنة، وكثير من الندوات الرياضية واللقاءات على قنوات تلفزيونية مقربة ومدعومة من النظام الجزائري و المقالات العنصرية التي كتبتها منابر إعلامية موالية له، سواء ضد المغرب أو فرق افريقية أخرى مثل الكامرون بعد إقصائه للجزائر من التأهل من لكأس العالم قطر 2022 وخروجه المبكر من الدور الأول، وذلك لتقوية موقف المغرب داخل هيئة المحكمة حتى وإن كان من باب الاستئناس.
- تسييس الرياضة والتحريض على الحرب والعنف وحمل السلاح في تظاهرات رياضية رسمية تنظم في الجزائر، من خلال كلمة المدعو حفيد نيلسون مانديلا الذي لا يحمل أي صفة رسمية لا سياسية ولا رياضية ممثلة لبلده الأصل جنوب إفريقيا.
إن اللجوء إلى الهيئات القضائية الرياضية الدولية يبقى هو الخيار الأنسب والأسرع لفضح النظام العسكري الحاكم في الجزائر،وحفظ حقوق المنتخبات والفرق الرياضية المغربية، وفي حالة لجوء المغرب لهذا المسلك القانوني سوف يكون هناك احتمالان اثنين لا ثالث لهما هما:
- في حالة انتصار المغرب قضائيا كما فعل ضد الكاف بعد رفضه تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2015 لوجود قوة قاهرة وهي جائحة إيبولا، يكون بذلك قد فضح وعرى السياسات العدائية تجاه المغرب للنظام العسكري الجزائري أفريقيا وعربيا ودوليا.
- في حالة حكمت المحكمة لصالح الموقف الجزائري خصوصا في مسألة إغلاق المجال الجوي أمام طائرة المنتخب المغربي، وهذا مستبعد جدا لا من الناحية القانونية أو الأخلاقية، لأنه في عالم اليوم في الذي يتجه نحو العولمة، لا يمكن أن تصدر فيه مثل هذه الأحكام التي قد تمنع مستقبلا منتخبات كثيرة من المشاركة في تظاهرات رياضية المفروض أن يكون الهدف منها هو جمع الشعوب ونشر السلم والمحبة في العالم وليس التفرقة ونشر الكراهية والعنصرية كما يروج لذلك النظام الجزائري.
كما انه يمكن للمغرب أن يحول هذا الحكم في حالة صدوره لصالحه أيضا، بأن يعلن المسئولون المغاربة اللجوء إلى حق الرد بسياسة المعاملة بالمثل، وهو عرف سياسي متعارف عليه ، والمنع مضطرا لا راغبا من ولوج كل البعثات الرياضية الجزائرية للمشاركة في التظاهرات الرياضية التي تقام في المغرب، والتي غالبا ما تكون على مستوى عالي وعالمي وذات صدى إعلامي دولي بالمقارنة مع التظاهرات التي تنظمها الجزائر، مع الإشارة إلى أن المغرب متأسف لما وصل إليه حال العلاقات بين الجارين، وعلى ما اتخذه من قرارات مكرها نضرا لتعنت النظام الجزائري، وأنه يتمنى عودة العلاقات خصوصا الرياضية إلى طبيعتها في أقرب الآجال إن تخلى حكام الجزائر عن مثل هذه الإجراءات التافهة والتي لا تعبر عن طموحات و طبيعة العلاقات بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري.
كاتب المقال: الحسن أ. د.
بلجيكا 16-02-2023