
ما لا نتماه للجزائر..
إلى أين تتجه جارتنا الشرقية؟ انفعالاتها الدبلوماسية و المؤسساتية و هستيريا إعلامها وتوترات اجتماعية خطيرة تعبر عن أزمة عميقة متغلغلة في مفاصل الدولة؛ إلى درجة انحسار فكر العقل التدبيري و الاستشرافي لدى مسؤولي هذه الدولة الجارة و نخبها الفكرية و السياسية وحتى العسكرية .
عوض استيعاب الياات تدبير الأزمات و ملاءمتها لواقع داخلي مازوم ، وبدل توجيه كل الطاقة الممكنة لإعادة بناء مفهوم الدولة مع ما يتطلبه ذلك من بناء مجالات للتداخل و التفاهم و الاستيعاب المتبادل ما بين الدولة و المجتمع، نلاحظ أن المسؤولين الجزائريين و كل مؤسساتهم و حتى نخبهم المنساقة تبدر طاقتها- و حتى امكانتها المادية- في حروب هامشية تعتبر الجزائر حكومة و شعبا في غنا عنها و لا يحتاجها محيطهم الاقليمي و القاري و حتى الدولي.
هل صارت دولة الجزائر- أو كما يحب هم تسميتها بالدولة القارة و الغنية و قبلة الثوار- عاجزة عن إنتاج فكرة واحدة و وحيدة تخدم مصلحة الجزائر ، دون مزجها بعقدة الآخر و بنرجيسية الذات العظمى؟ هل الفكر المؤسساتي و التدبيري لدى حكام الجزائر و نخبتهم المسيرة عاجزة على استيعاب مصطلح " الأنانية الوطنية " من اجل إنقاذ ما يمكن انقاده؟ أن تبقى الجزائر حبيسة شراسة الهجوم على الآخر، قريبا كان أو بعيدا- المغرب، فرنسا و اوروبا، امريكا و اسرائيل، الإمارات العربية و دول الخليج و حتى الدول الإفريقية ، ففي الأمر إحساس بضعف كبير مثلما يشعر أي "حيوان شرس" حينما يكون الجرح الذي يعانيه هو جرح مميت.
كلما نتمناه هو أن تستعيد الجارة الشرقية الشقيقة بعضا من الوعي مهما كان انانيا من اجل شعب نشترك معه في كل شيء. و كل ما لا نتمناه هو ان يذهب الغرور " بالقادة " هناك نحو مزيد من إعادة إنتاج الأزمة بتجلياتها الداخلية و الخارجية و التي حتما ستنتج الخراب. خراب يبدو أن كل المؤشرات تنبؤ به؛ و هذا ما لا نتمناه لاشقاءنا اللذوذين، لأن زمن الطيش إنتهى و تكلفة الاستمرار فيه ستكون ثقيلة جدا.